نقاط من حياة ومعجزات القمص بيشوى كامل
بعد أن تمت سيامة الاستاذ سامى كامل كاهنا على كنيسة مارجرجس باسبورتنج باسم القس بيشوى كامل و بعد أن قضى فترة ال 40 يوما فى دير السريان رجع لاستلام كنيسته فى اليوم العاشر من يناير عام 1960الف تسعمائة و ستون، وقتها قابله البابا كيرلس السادس و نصحه قائلا “الصيام الكبير قرب .. ابقى اعمل قداس متأخر كل يوم” و لم تكن قداسات الصيام المعروفة لنا الان و التى نتمتع فيها بالصيام الانقطاعى تقام فى مدينة الاسكندرية كما هى الان بل كان قداس متأخر واحد كل يوم اربعاء فى الكنيسة المرقسية. لذلك تعجب ابونا بيشوى فى بادىء الامر من هذه النصيحة و قال فى نفسه “هو أنا ها اعمل قداسات بعد الظهر و اللا ها افتقد الشعب اللى محتاج خدمة؟” و لكن لأجل طاعة البطريرك قرر أن ينفذ هذا الامر. و قرب بداية الصيام حدثت مشكلة كبيرة بين زوجين تدخل فيها ابونا بيشوى لمدة اسبوع و فشلت كل محاولات الصلح و اصبح انفصالهما وشيكا فكتب ابونا بيشوى اسميهما فى ورقة و وضعها على المذبح فى أول قداس صيام متأخر. و بعد انتهاء القداس ذهب لهذه الاسرة فوجد انهما تصالحا و ذابت كل الخلافات بينهما ففرح ابونا بيشوى و قال فى نفسه “طيب لما الموضوع سهل كده يبقى أنا على اصلى قداسات كثيرة و ربنا عليه يحل لى المشاكل و يفتقد بدلا منى” و فيما بعد اصبحت هذه القداسات فى كل كنائس الاسكندرية.
اشتهر فى خدمة الجنازات و جند معه عدة شباب فكان حينما يسمع بوفاة شخص ما يجمع الخدام و يذهبون الى منزل المتوفى و يقومون بتكفينه و بالصلاة و كان أبونا يملأ المكان بالصلوات و التسابيح و الوعظات و كان يقول أن هذه فرصة لإصطياد النفوس و ارجاعها الى الحظيرة.
كان يحب خدمة مرضى السرطان و اطلق على هذا المرض “مرض الفردوس” نظرا لأن من يصاب به يعلم أنه لم يعد يتبقى له الا القليل من الوقت. و كان ابونا ينتهز هذا الوقت القليل فى زيارات يومية لهؤلاء المرضى للصلاة معهم و وعظهم و تحضيرهم للقاء الرب . و اشتهى ابونا ذلك المرض و طلبه من الرب، و استجاب له الرب. ففى يوم شعر بألم فى رقبته و التف حوله الاطباء و لم يعرفوا فى البداية سبب تلك الالام و فى يوم قال ابونا بيشوى لزوجته (انجيل) “أنا عارف أنا عندى ايه” فقالت له “ايه يا ابونا؟ ” فقال لها “السرطان” فصرخت “لا تقول هذا يا ابونا” فقال لها ” ها تشوفى”. بعدها بيومين اظهرت التحاليل اصابة ابونا بهذا المرض و كان الأطباء حزانى و لم يجدوا الشجاعة الكافية لإخبار ابونا بحقيقة المرض. لكن ابونا قال لهم و هو مبتسم “لماذا لا تريدون أن تقولوا لى؟ أنا اعلم انى مصاب بالسرطان، أنا مبسوط لأنى هكذا سأصل للسماء بسرعة”. و كان دائما يقول أن الألام التى يسببها هذا المرض لا تقاس بالآلام التى شعر بها رب المجد على الصليب. و لما كان شعره يتساقط بسبب العلاج الذى كان يأخذه كان يقول “إن شعرة واحدة لا تسقط بدون إذن ابينا الذى فى السموات”.
اشتهر أيضا بخدمة الخروف الضال فحينما كان يسمع أن شخصا انكر الايمان كان يمرض بالسرير يومين أو ثلاثة و ترتفع درجة حرارته الى أربعون درجة . كان شديد الغيرة على الخرفان الضالة و كان يسعى بكل جهده لإرجاعها. ذات يوم سمع عن فتاة ذهبت ستذهب مع شخص غير مسيحى لتنكر ايمانها لتتزوج ذلك الشخص. فذهب اليها سريعا و وجدها تركب سيارة ذلك الشخص للذهاب لإتمام ذلك الأمر فوقف ابونا فى الشارع يحادث الفناة لإثناءها عما تنوى فأدار الشاب الذى معها السيارة بغرض أن يكف ابونا عن الحديث لكن ابونا لم يكف و أمسك بباب السيارة حيث تجلس الفتاة و هو يكلمها و يترجاها لئلا تترك المسيح، و اسرع الشاب بالسيارة و ابونا بيشوى معلق بها بكلتا يديه و السيارة تجرجره و هو مستمر فى كلامه فتأثرت الفتاة و بكت و طلبت من الشاب أن يوقف السيارة و نزلت مع ابونا بيشوى الذى فرح بها و اخذها لأسرتها و استمر يزورها و يفتقدها الى أن عادت كلية للحظيرة.
حتى فى وقت مرضه الشديد حينما لم يكن يقوى على ترك السرير سمع عن فتاة تنوى ترك المسيح لتتزوج شابا غير مسيحيا، فكان يطلبها لتأت منزله كل يوم و كان يجلسها بجوار سريره و يحكى لها بالساعات عن محبة يسوع لنا و كان يصلى معها و نجح فى اقناعها لتترك تلك الفكرة, و بعد نياحته ، حاول معها الشاب لإرجاعها اليه و بدأت تنسى وعدها لأبونا بيشوى و بدأت تخرج معه و بدأت تفكر قى ترك حظيرتها مرة اخرى. و فى يوم و هى نائمة رأت نفسها تمشى بجوار ذلك الشاب و هى تمسك بذراعه فوجدت ابونا بيشوى امامها يقول لها غاضبا “أنا قلت لك لا تحدثى هذا الشاب نهائيا” فإستيقظت بسرعة و هى تقول ” يا ابونا بيشوى يا حبيبى لم تتركنى حتى و انت متنيح اوعدك ألا اعود لذلك الطريق مرة اخرى” و ذهبت بسرعة للإعتراف و حكت الحلم لأب اعترافها. و منذ ذلك اليوم كانت تبحث عن الفتيات اللواتى كن يفكرن فى ترك المسيح و تطلب شفاعة ابونا بيشوى و تذهب لهم لإقناعهم بالرجوع و كانت تنجح فى ذلك.
فى يوم ذهب شخص غير مسيحى لأبونا بيشوى يطلب منه أن يصير مسيحيا فأخذه ابونا الى الدير و عمده و تركه فى الدير ليصلى ثم عاد الى منزله. و ذات يوم ذهب لزيارته و فى الطريق اشار له شخص عجوز ليركب معه فتوقف ابونا و اركبه و غير مساره ليوصله ثم بعد قليل قال له اشكرك لقد غيرت طريقك لتوصلنى يكفى هذا انزلنى هنا” فأصر ابونا بيشوى على توصيله ففتح هذا الشخص الباب لينزل فخاف ابونا أن يقع فأمسكه من ذراعه و هنا رأى ثقب فى يده و اختفى الشخص فى الحال. و فى اليوم التالى ذهب اخوة الشخص الذى صار مسيحيا لأبونا بيشوى و قالوا له لقد كنا ننتظرك فى الطريق امس لنقتلك لكن رأينا معك شخصا عجوزا فخفنا و لم نفعل شيئا.
كان ابونا بيشوى فى طريق ذهابه للكنيسة كان يمر على بائع فاكهة و كان هذا البائع يكره المسيحيين و بالطبع يكره ابونا و كان يبصق عليه فكان ابونا يستمر فى طريقه و لا يقول له شيئا. و كان هذا الامر يتكرر كل يوم و ذات يوم لم يكن البائع موجودا و كان ابنه الشاب واقفا بدلا منه. فسأله ابونا عن والده فقال له انه فى المستشفى يعمل عملية . و فى المساء أخذ ابونا بيشوى معه كيس من الفاكهة و ذهب لزيارة الرجل فى المستشفى. و اندهش الرجل جدا و قال له كل يوم و أنا ابصق عليك و اليوم تأتى لزيارتى ؟” ثم بعد أن شفى كان يطلب من ابونا بيشوى ان يزورهم فى منزلهم و كان ابونا يذهب اليه و كان يسأله عن الديانة المسيحية و ابونا يجيبه و انتهى الأمر بأن اصبح مسيحيا هو و ابنه و ذهبا الى الدير.
حكى راهب أنه أخذ فى الروح فى يوم ، و ذهب الى البرية الجوانية، و وجد نفسه مع مجموعة من السواح ثم حضر قس و اقام لهم قداسا و ناولهم و كان هذا القس هو ابونا بيشوى كامل.
حدثت هذه القصة عام الف تسعمائة و ستون فى السنة الاولى لسيامة ابونا بيشوى و كانت كنيسة مارجرجس فى ذلك الحين تحت الانشاء و كانت مكتبة البيع عبارة عن كشك خشبى صغير بجوار سور الكنيسة و تسلل البعض الى الكنيسة ذات مساء و دخلوا المكتبة و فتحوا الادراج و ووضعوا كل ما تحويه من نقود و حلى صغيرة و سلاسل فى صرة و هربوا بها. و فى اليوم التالى اكتشف الخدام السرقة فهرعوا الى ابونا بيشوى و اخبروه بما حدث و طلبوا أن يبلغوا الشرطة فرد عليهم ابونا بثقة “اتركونى فسوف ابلغ أنا بوليس النجدة” و كان يقصد بذلك مارجرجس شفيع الكنيسة. و بدأ ابونا يصلى القداس و طلب من اللـه بصلوات الشهيد مارجرجس أن يتدخل فى هذا الموضوع و بعد القداس مباشرة جاء شرطى يريد احدا من المسئولين بالكنيسة ليتعرف على المسروقات فى قسم البوليس . أما حقيقة ما حدث فهو أن اللصوص بعدما اخذوا المسروقات ذهبوا بها الى احد الكازينوهات و جلسوا يقتسمونها فيما بينهم فلاحظ أحد المخبرين السريين ذلك فقبض عليهم و اعترفوا بكل شىء. و قال ابونا بيشوى للخدام بثقة ” مش قلت لكم حأبلغ مارجرجس بوليس النجدة..!”
لم يمر على ابونا بيشوى ليلة عيد و تناول فيه العشاء مع زوجته بمفردهما. فمن أول عيد بعد رسامته كانت هناك ارملة و معها طفلان توفى زوجها من فترة قصيرة و كانت تمر بحالة اكتئاب و حزن شديدين و قررت الا تحضر قداس العيد فى الكنيسة و يمر عيد الميلاد دون اى فرح. فلما علم ابونا بيشوى بذلك افتقدها و عزاها و شجعها على حضور القداس و قال لها بروح الدعابة “زوجتى انجيل ما بتعرفش تطبخ كويس، هنتعشى عندك بعد القداس” و فعلا ذهبا اليها بعد أن حضرت هى قداس العيد و ادخل الفرح فى قلبها هى و اولادها. و بعد ذلك كان ابونا بيشوى يبحث فى كل ليلة عيد عن اسرة حزينة أو شخص مغترب أو اسرة فقيرة ليستقبلهم فى منزله أو يذهب اليهم. و كان يقيم حفل عشاء كبير فى الكنيسة لكل الشباب المغترب سواء فتيان أو فتيات يتعشى و يتسامر معهم ليشعر الجميع بأبوة المسيح و بفرحة العيد. و بعد ذلك يقوم بتوصيل الفتيات الى بيوتهن و يذهب مع زوجته الى منزلهما فى ساعات الصباح الاولى . حتى عندما سافر ليخدم فى الخارج كان يدعو الشباب فى شقته الصغيرة هناك ليتناولوا العشاء معه بعد قداس العيد حتى ان مديرة المنزل (فى امريكا كل عمارة لها مديرة) قررت أن تترك المنزل و تستقيل من كثرة عدد الشباب الذى كان يستضيفه ابونا فى ليلة العيد و ما ينتج عن ذلك من ازعاج.
تحكى تاسونى انجيل و تقول (قبل نياحة ابونا بفترة قصيرة و هو فى مرضه الاخير اخذنى معه لزيارة مريض بالقلب و كان يسكن فى عمارة ارتفاعها أربعة عشر دور و أنا لم اكن اعلم اين يسكن و كان الاسانسير معطلا. و عندما دخنا العمارة وجدت ابونا يتجه الى السلم مباشرة فسألته “هو الاسانسير عطلان و لا ايه يا ابونا؟ هما فى الدور الكام؟ فتوقف ابونا و قال لى “بصى بقى يا انجيل انا عايزك تعدى لى السلالم لحد ما نطلع.” و بدون مناقشة قلت له حاضرو بدأنا نصعد و كان ابونا مبسوط جدا انى سهيانة فى العد و كل شوية يقول لى اوعى تغلطى فأرد لأ يا ابونا أنا واخدة بالى كويس. و فضلت اعد لحد ما وصلنا اخر دور فلما خبطنا و فتحوا الباب الناس فوجئوا و قالوا “كده يا ابونا تعبت نفسك و جيت مرة تانية ما انت كنت هنا الصبح و انت تعبان، وكمان تعبت المدام معاك” فقال لهم “لأ ما انا شغلتها فى عد السلالم” ففهمت لماذا شغلنى بعد السلالم حتى لا اصعد معه و أنا متذمرة لكى يستطيع أن يتمم خدمته بكل فرح بدون اى تعطيل).
كان ابونا بيشوى يتعرض للكثير من المضايقات لتعطيل خدمته الناجحة. و كانت له علاقات وطيدة جدا و محبة قوية متبادلة ببعض الاخوة المسلمين و كان يعتبر الجميع اولاده، و لكن قلة من المتعصبين كانت تحاول افساد هذه المحبة و كان اللـه يبطل هذه المحاولات كما ابطل مشورة اخيتوفل. فمثلا فى احد اجتماعات هؤلاء الحاقدين احلوا دم ابونا (اى جعل قتله حلال) و كان الاجتماع بمكان قريب من منزل احدى الاخوات المسلمات و كانت تعرف ابونا فلما سمعت ذلك دخلت و ضربت الذى كان يتكلم و هاجمته و بعد ذلك ذهبت للشرطة لتخبرهم بذلك! و فى مرة اخرى ذهبت مجموعة منهم الى مسكن ابونا و دقوا جرس احدى الجارات و سألوا عن مكان شقة ابونا و لم تنتبه الجارة الى انهم يريدون بأبونا شرا فقالت لهم “هو دلوقتى نازل” و بالفعل كان ابونا نازلا فقالت لهم “هو ده ابونا اللى انتم عايزينه” و كررت الكلام فوجدتهم متسمرين فى مكانهم بلا حركة او كلمة أما ابونا فعبر من وسطهم و مضى! و مرة اخرى كان ابونا راجعا الى منزله بسيارته الصغيرة (الفولكس) فوجد نفسه محاصرا بثلاث عربات مرسيدس كبيرة تحاول سد الطريق عليه لكى يقف و كان ذلك فى شارع منزله الضيق و لكن بطريقة لا يعرف ابونا نفسه كيف تمت ، مر ابونا من وسطهم بسرعة بسيارته و جاز بعيدا عنهم. و كثير من التهديدات بالخطابات أو بالتليفون كان يتلقاها ابونا لكى لا ينزل من منزله و لكنه كان يردد بشجاعة كلمة “نحميا” عندما هددوه لكى لا يكمل بناء السور قائلا ” ارجل مثلى يهرب؟”. و كان ابونا يفرح بالاضطهاد و يعتبره اكليل من السماء و على قدر حبه للألم كان الرب ينقذه من يد اعدائه لدرجة أن اسمه فى سجل المخابرات كان “رجل من العالم الآخر” لأنهم كانوا يندهشون من كل المحاولات التى كانت تدبر لقتله و كان يمر منها دون اى اذى كأن حوله هالة عجيبة من السحر “على حد قولهم” و رغم جهود رجال المباحث فى الدفاع عنه و لكن هذه المحاولات تعتبر ضئيلة جدا بجانب عناية اللـه به و دفاعه عنه.
اشتكى ابونا بيشوى و لفترة طويلة من ألم فى عضلات الرقبة من الخلف مع صعوبة فى حركة الرقبة. و احتار الاطباء و اجمعوا على انها شكوى عارضة. و فى يوم بعد أن خرج الاطباء من بيت ابونا مؤكدين انه لا خوف من هذه الاعراض ابتسم ابونا بيشوى لتاسونى انجيل و قال لها “أنا عارف انا عندى ايه” فردت عليه زوجته “ايه يا ابونا؟” قال “أنا عندى سرطان” فصرخت زوجته “لأ يا ابونا ما تقولش كده” فأجاب “طيب ها تشوفى” و عمل ابونا بيشوى تحاليل و فحوصات كثيرة ابتداء من شهر اغسطس 197الف تسعمائة6 ستة و سبعون و حتى شهر يناير و بعد اجتماع الاطباء انفسهم قرروا انه سرطان بين الفقرات العنقية. و لم تكن مفاجأة لأبونا بيشوى الذى كان يتمنى هذا المرض و كان يسميه “مرض الفردوس” و قد كانت الالام صعبة جدا فكان احيانا ينام نصف جالس و احيانا اخرى لا يستطيع الحركة أو النزول.
اثناء مرض ابونا بيشوى جاء أحد الاشخاص و طلب منه أن يذهب لأحد اقرباءه و كان مريضا بمرض خطير فى مستشفى خارج الاسكندرية و يصلى له فقال له ابونا أنا مستعد و لكن لا استطيع أن اقود السيارة مسافة طويلة فعرض هذا الشخص على ابونا أن يوصله هو بسيارته الخاصة. و فعلا سافر ابونا و دخل حجرة المريض و اغمض عينيه رافعا رأسه للسماء و صلى صلاة من اجل شفائه و بعدما انتهى من الصلاة عاد الى الاسكندرية. و بعد ذلك بحوالى اسبوع جاء الى ابونا احد الاشخاص غير المسيحيين يشكره على شفائه من مرض السرطان بالمخ بسبب بركة صلواته لكن ابونا لم يتذكره و لم يعرفه لأنه لم يراه من قبل. فذكره الشخص بأنه كان فى المستشفى البعيد فى نفس الحجرة التى صلى ابونا فيها و حكى له انه اثناء الصلاة تسلل ووضع رأسه تحت يدى ابونا لأنه احس بقوة خفية فى شخص ابونا و عندما انتهت الصلاة رجع هذا الشخص الى سريره بسرعة. و بعد أن تمت عليه بعض الفحوصات فى المستشفى فوجىء الاطباء انه سليم تماما و لا يوجد فى رأسه اى اثر للسرطان.
ذهب ابونا بيشوى فى يوم ما فى أمر هام فى وجه السرعة لإنقاذ نفس مسيحية على وشك الضياع و كان يقود سيارته بسرعة كبيرة حتى وصل إلى إحدى التقاطعات ليجد امامه طفلا صغيرا فى حوالى السادسة من عمره يقف فى منتصف الشراع و يشير لأبينا بالوقوف فإضطر ابونا تهدئة سرعته خوفا على الطفل حتى توقف فعلا عند تقاطع الشارع ليفاجأ بسيارة اخرى فى الشارع المتقاطع مندفعة بسرعة كبيرة تعبر الشارع فى نفس اللحظة ! يا للعجب لولا إرسال الرب لهذا الطفل لوقعت حادثة خطيرة و ما كان من ابونا بيشوى الا أنه ابتسم للطفل و ضرب له تعظيم سلام و قال له مداعبا شكرا يا شاويش!
ذهب ابونا بيشوى مع ابونا تادرس يعقوب لزيارة سيدة انجبت حديثا لتهنأتها على المولود الجديد و كانت تقطن فى الدور الخامس و اصرت السيدة على أن تذبح لهما وزة ليتعشيا بها فقال ابونا بيشوى بروح ابوى سأخذ نصيبى جاف اى غير مطبوخ فقالت له السيدة بفرح الوزة كلها لك لن تنزل من هنا بدونها, لم يتردد ابونا فى قبولها فبعد الصلاة حمل الاوزة فى يده و خبأها فى كم الثوب المتسع و كان يمسك بمنقارها حتى لا تعطى صوتا و منزل بسرعة عجيبة على درجات السلم و إذ بلغ الشارع اتجه نحو اليمين قائلا لأبونا تادرس تعالى معى و سارا مسافة قصيرة ثم انطلق ابونا يجرى على السلم حتى بلغ الطابق السادس و هناك على السطوح فوجد اطفالا يبكون فسألهم ابونا بيشوى لماذا تبكون اجابه احدهم اننا جائعون نطلب من والدتنا أن نأكل و هى تطلب منا أن نصلى ، كيف نصلى و نحن جائعون؟ قال ابونا لا تخافوا ربنا ارسل لكم طعاما. ثم قال ابونا بيشوى لأبونا تادرس “اجلس مع الاطفال و ارو لهم قصصا و أنا اعد لهم الطعام مع والدتهم”ثم امسك ابونا بيشوى السكين و ذبح الاوزة ليساعد الام فى اعداد الطعام لأولادها الجائعين.
إستمر ابونا بيشوى و حتى بعد نياحته يعمل و بقوة اكبر لإرجاع الخروف الضال. كان هناك شخص يعيش لملذاته. حاول معه الكثيرون و لكن فشلوا، و فى يوم من الأيام قال له خادم “اؤكد لك انك لو جئت معنا لزيارة كنيسة ابونا بيشوى و أخذ بركة مزاره ستتغير . فأجابه و” أنا قبلت التحدى سأذهب معك لأثبت لك انه لا أحد ممكن أن يغيرنى”. و ذهب مع الرحلة فى سيارة اتوبيس، و فى الطريق نعس السائق، و انحرفت السيارة و صدمت صخرة كبيرة على حافة هاوية كبيرة . و نزل الركاب من نافذة فى آخر الأتوبيس. كان هناك ونش يسير وراءهم و رأى سائقه الحادث فتوقف لمساعدتهم، و ربطوا الاتوبيس فى الونش لسحبه و لكن لم يتمكنوا. فإقترح مشرف الرحلة أن ينادوا كلهم أبونا بيشوى فنادوا كلهم بصوت عالى يا ابونا بيشوى (ثلاث مرات) فتحرك الاتوبيس بسهولة، و وصلوا الكنيسة و هناك ابتدأ الشخص (الذى تحدى الخادم) يبكى بقوة فطلب الخادم من افراد الرحلة أن يتركوه بمفرده فى مزار ابونا بيشوى، فظل بمفرده مدة ثم خرج أن يقابل كاهن ليعترف و تغيرت حياته و اصبح خادما بشفاعة ابونا بيشوى.
كانت هناك سيدة تقطن فى الاسكندرية و اولادها يدرسون بالقاهرة، و كانت معتادة يوم ظهور نتيجة اولادها أن تحضر القداس مع ابونا بيشوى و تنتظره فى الهيكل بعد أن ينهى القداس لتعرف منه نتيجة اولادها و كان يخبرها بنجاحهم ثم تتوجه للسنترال و تتصل بهم و تجد أنهم بالفعل نجحوا. و بعد نياحة ابونا بيشوى ذهبت السيدة يوم النتيجة لحضور القداس و بعد انتهائه وقفت فى نفس المكان الذى كانت تنتظر فيه ابونا بيشوى وقت حياته على الارض فتذكرته و بكت فسمعت صوت ابونا بيشوى فإلتفتت فرأته بملابسه البيضاء (ملابس القداس) و قال لها أن اولادها نجحوا ثم اختفى، فذهبت الى السنترال بسرعة و هى فرحة، و وجدت نفس النتيجة.
حينما كان أبونا بيشوي كامل يخدم في كنيسة مارمرقس بلوس أنجلوس …. كان هناك شابا يحضر القداس ولكنه يسرع إلى الخروج فور انتهاء الصلوات بعد أن يضع في يد أبونا بيشوي كامل مظروفا به 20 دولارا … وتكرر هذا الأمرعدة مرات …
فعقد أبونا بيشوي العزم على معرفة أمر هذا الشاب … ففي يوم أحد عقب القداس الالهي حاول الشاب أن ينصرف كعادته ، فأسرع أبونا بيشوي نحو باب الكنيسة وسلم عليه ، وطلب منه أن ينتظره … فلما أنصرف الجميع جاء أبونا بيشوي إليه يسأله عن أمره …فأجابه الشاب وهو يبكي ” الا تتذكرني يا أبانا !! أنا ( ف . س ) الذي سولت إلي نفسي أن أسرق عشرين جنيها من صندوق العطاء منذ سنوات في كنيسة مار جرجس اسبورتنج … وقد رأيتني يا أبي وأنا أنفذ جريمتي … وكل ما عملته حينذاك معي أن طلبت مني أن أعيد ما سلبته إلى الصندوق لأن هذا مال الرب والكنيسة محتاجة إليه للبناء… وطلبت مني أن أصلي طالبا المغفرة والإنصراف في صمت …. ولكني حينما هممت بمغادرة الكنيسة خجلا من انكشاف جريمتي فؤجت بك يا أبي واقفا على الباب تسلم وعلى وجهك ابتسامة حانية … ثم وضعت في يدي عشرة جنيهات … لحظتها لم أدري بنفسي أمام هذا الحب العظيم ، وعزمت على تغيير حياتي كلية … فبعد أن كنت طالبا فاشلا في دراستي … وكنت أنصب على القساوسة ومنهم أنت يا أبانا للحصول على مال بحجة أنني محتاج إليها في الدراسة … هزمني حبك وصرت انسانا جديدا ونجحت في حياتي … إلى أتيحت لي فرصة الهجرة إلى أمريكا ، وتصادف أن دخلت الكنيسة هنا فوجدتك يا أبي فتذكرت على الفور موقفك المحب معي …”
فما كان من أبونا بيشوي الا أن أحتضن الشاب في حنان بالغ وقال له ” أنسى يا أبني اللي فات ..فأنت أبني سواء كنت في إسكندرية أو لوس أنجلوس “
بركة صلوات أبونا القمص بيشوي كامل تكون معنا ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد … أمين
– كان ابونا بيشوى يعطى نصيحة لكل اولاده أن يصلوا دائما و كان يقول لهم “حينما نواجه أية مشكلة نصلى، و مع المسيح لا يوجد شىء صعب أو مستحيل”. و كان يقول لهم “لا تقلقوا كل المشاكل ستحل مع الرب، و كان يترك المشاكل على المذبح فى القداس و دائما كانت تحل .
– كان دائما يقول “نحن أولاد اللـه، أولاد الملك، كل هذا الميراث، ماذا تريدون اكثر من ذلك؟
– بعد اربعة عشر عاما من الخدمة كتب ابونا بيشوى فى مذكراته : “ويل لى من اجل النفوس التى كان من الممكن أن اربحها و لم افعل” !
الجنية المبروم هذه قصة نكتبها كما حكاها صاحبها بدون أي إضافات . و هو شخص بسيط غير مسيحي كان يعمل بوابا لعمارة سكنية كان يتردد عليها أبونا بيشوي كامل كثيرا. ” كثيرا ما أتي أبونا بيشوي إلي هنا لزيارة أسرة كان يتردد عليها كثيرا… . و في كل مرة يأتي فيها إلي هنا كان يهتم بالسؤال عن زوجتي و أولادي ….. و يطمئن أن احتياجاتهم متوفرة …… . و في أثناء هذا الحديث كان يخرج من جيبه جنيها (الذي كان مبلغا محترما وقتئذ) و يظل يبرم فيه من باب العمارة حتى الدور الثالث حيث تسكن هذه العائلة . فبمجرد أن نصل لباب الشقة و أرن له الجرس… كان يدس لي الجنيه في كم جلابيتي و يأمرني بالانصراف بسرعة قبل أن يراني أحد…. حقيقة لم أر شخصا مثله. فأنا بحكم عملي كثيرا ما يعطيني الناس من احساناتهم., و لكن معظمهم يعطيني النقود بحركات بهلوانية ملفتة. بهدف الظهور أمام الناس …. أما أبونا بيشوي فكان رقيقا جدا …. الله يرحمك يا أبونا بيشوي…… تستاهل حب الناس مش كثير عليك اللي حصل يوم جنازتك. إسكندرية كلها وقفت علي رجل و الناس بالآلاف . و مصر كلها حزنت علي فراقك . بركة صلوات أبينا القديس أبونا بيشوي كامل و العدرا مريم تكون مع جميعنا آمين
تنيح أبونا بيشوى كامل فى الحادى و العشرون من شهر مارس عام الف تسعمائة تسعة و سبعون و كان عمره ثمانية و أربعون عاما. بركة صلواته فلتكن معنا جميعا ، آمين.